..تحت إشراف الرئيس المخلوع .. الحقيبة الدبلوماسية لتهريب العملة الصعبة

عن طريق الصدفة, تفطن المدير المساعد المختص في تقنيات الاتصال والمراسلات البريدية بوزارة الخارجية خالد الدريدي يوم 21 مارس 1995 ,والذي كان يوم عطلة, أنه تم إلحاق الحقيبة الدبلوماسية بالوزارة  بظرف يحتوي على مبلغ مالي قيمته 1400 دولار من العملة الصعبة تم إرسالها من طرف الرئاسة الى واشنطن.


مع العلم أن الخارجية تعتمد الحقيبة لارسال المراسلات الى السفارات التونسية بالخارج أومن أجل المطالبة باستعلامات أو بعث ردود...
تعجب مساعد مدير الاتصالات بالخارجية, لإرسال هذا الظرف في يوم عطلة رغم عدم استعجاليتها, وارتاب من إمكانية أن يكون الظرف قد أرسل من قبل طرف آخر  غير الرئيس, خاصة وأن الأمر تعلق بالمتاجرة بعملة صعبة وهو مسألة غير قانونية.
وفي الإبان أخذ خالد الدريدي المراسلة واتجه نحو رئيسه في العمل, غير أن السيد الوزير رأى أنها مسألة عادية وأمر بتمريها... وأمام عدم حصول محدثنا على تفسير واضح, اتجه إلى زميل سابق في الداخلية (عمل السيد خالد الدريديكضابط شرطة في الداخلية في فترة الستينات ) بنسخة من الملف اللغز, وبعد يوم قال له صديقه بابتسامة ماكرة.." عديها.. هذه قضية للمعلم"...
فتساءل عندها محدثنا لماذا يلتجئ الرئيس أعلى هرم في السلطة إلى ممارسات غير قانونية مثل المتاجرة في العملة الصعبة ؟

الخارجية الموازية...

بكثير من الفضول واصل مساعد مدير قسم المواصلات بالخارجية محاولاته لفك الغموض, ويقول محدثنا أن مساءلته لعدد من زملائه في العمل في تلك الفترة, أفادت أن هذا النوع من المعاملات (ارسال عملة صعبة عن طريق الحقيبة الدبلوماسية) كان متداولا يشرف عليه في الغالب أحد الموظفين السامين رئيس ديوان الوزير- بالخارجية...حيث يأتي في الدقائق الأخيرة قبل غلق الحقيبة ليضع ظرفا قادم من الرئاسة دون أن يترك أي أثر. فبريد الدقائق الأخير لا يمر بقسم المواصلات ولا يدرج في سجل مكتب الضبط...
ويشير نفس المصدر الى أنه علم بعد فترة من قبل بعض معارفه, أن هذه الأموال التي يتم "تهريبها" من وقت إلى آخر كانت ترسل من أجل اقتناء أجهزة تقصي واتصالات متطورة لفائدة هيكل موازي لوزارة الخارجية داخل القصر الرئاسي...
وتجدر الإشارة في نفس السياق الى أن محدثنا قد أوضح أن وزارة الخارجية كانت تعاني منذ تولي الرئيس المخلوع من حالة تهميش على مستوى  التجهيزات حيث عانى قسم المواصلات  من غياب الصيانة والتجديد في أبسط الأجهزة على غرار الفاكس والتليتاكس...ورغم محاولاته بابلاغ رئيس الدولة مباشرة بالحالة المتردية للخارجية وكان ذلك عن طريق المراسلة, فهو لم يتلق أي رد كما لم يطرأ أي جديد أو تحسين للوضع..وبقيت دار لقمان على حالها الى أن تحصل السيد خالد على تقاعده المبكر يوم 1-1 -1996 وغادر الوزارة وهو على يقين ومؤمن أن حبل التجاوز وسوء الادارة  لن يدوم... 

ريم سوودي

إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر

compteur

الجديد

Blogger